بعدما أبقاه ماكرون على رأس الحكومة إثر نتائج الانتخابات العامة.. هل يعود أتال لبرمجة زيارته المؤجلة إلى المغرب؟
دخل المشهد السياسي الفرنسي مرحلة هدوء مؤقت بعد تراجع اليمين المتطرف الفرنسي إلى المرتبة الثالثة في الانتخابات العامة السابقة لأوانها، ورفض الرئيس إيمانويل ماكرون استقالة الوزير الأول غابرييل أتال، هذا الأخير الذي عادت احتمالات القيام بزيارته المؤجلة للمغرب إلى الواجهة، بعدما كانت مقررة في بداية شهر يوليوز الجاري.
أتال كان سيزور المغرب خلال الفترة ما بين 3 و5 يوليوز الجاري، بتكليف من الرئيس ماكرون، لكن قرار هذا الأخير حل الجمعية الوطنية وإجراء انتخابات سابقة لأوانها بعد تصدر اليمين المتطرف، ممثلا في حزب التجمع الوطني، لانتخابات البرلمان الأوروبي، كان أمرا مفاجئا حتى بالنسبة للوزير الأول، وبالتالي أجل الزيارة عمليا.
وفي الجولة الأولى من الانتخابات التي جرت نهاية يونيو الماضي، حصد اليمين المتطرف، بقيادة جوردان بادريلا، المرتبة الأولى، ما كان يشي بإقبار الزيارة نهائيا على اعتبار أن أتال سيبتعد عن قصر "ماتينيون" بعد نصف عام فقط على توليه مهامه، ليركز رفقة التحالف الرئاسي الذي يقوده حزب "النهضة" على تدارك الموقف في الدور الثاني.
واستطاع الفرنسيون بالفعل الحد من تقدم اليمين المتطرف يوم الأحد الماضي، بعدما أعطوا الصدارة للجبهة الشعبية الجديدة التي يقودها الوزير السابق جون لوك ميلونشون المزداد في المغرب، أما الرتبة الثانية فآلت لتحالف "معا" الموالي للرئيس ماكرون والذي ينتمي إليه أتال، وانحدر التجمع الوطني وحلفاؤه إلى الصف الثالث.
ومع ذلك أعلن أتال تقديم استقالته إلى الرئيس ماكرون أمس الاثنين، مع استعداده البقاء في منصبه طالما "يقتضي الواجب ذلك"، وبالفعل فقد رفض رئيس الجمهورية الاستقالة، وأصدر قصر "الإليزي" بيانا شكر فيه الوزير الأول على قيادة حملتي الانتخابات الأوروبية والتشريعية، معبرا عن التشبث به للبقاء في منصبه خلال الوقت الراهن.
وكان من المنتظر أن يزور أتال المغرب في إطار مساعي ماكرو إصلاح العلاقات مع الرباط، وطي صفحة الأزمة التي عمرت منذ سنة 2021، إذ كان سيترأس رفقة نظيره عزيز أخنوش اجتماعا بين الحكومتين المغربية والفرنسية، كما كان سيُناقش موعد الزيارة المؤجلة للرئيس الفرنسي إلى المغرب من أجل اللقاء بالملك محمد السادس.
وإعادة برمجة هذه الزيارة أمر مسكوت عنه إلى حدود اللحظة، كون أن الفترة الحالية تُعد تمهيدا لمعركة أكبر، هي معركة التفاوض لتشكيل تحالفات، وبالتالي تشكيل الحكومة الجديدة، وهو أمر قد يأخذ وقتا طويلا بسبب الخلافات الحادة بين ماكرون من جهة وزعيم تحالف الجبهة الشعبية الجديدة، ملونشون، الذي يقود حزب "فرنسا الأبية" المصنف كحزب يساري راديكالي.
أمر آخر قد لا يجعل من زيارة أتال إلى المغرب أولوية في الوقت الراهن، وهو استعداد باريس لاحتضان الألعاب الأولمبية الصيفية خلال الفترة ما بين 26 يوليوز و11 غشت الجاري، على الرغم من أن المغرب رف في التدبير الأمني لهذا الملف، وفق ما سبق أن أعلنه وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمنان، عندما زار المغرب والتقى نظيره عبد الوافي لفتيت، في أبريل الماضي.